بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 يناير 2012

إنحراف الفكرة


حين نغوص أحيانا في مبدأ نجد ذلك الإعوجاج الناتج عن إستعماله لبلوغ غاية لا منهجا في الحياة و الأمر غير مستثنى لتلك الأحزاب التي تتفاخر لمبدئها من حيث المرجعية فمثلا لا نعتبر النهضة حزبا إسلاميا إن إعتبرنا مبدئها كذلك فهي ممنهجة سياسيا بقوانين وضعية و شعارات مدنية و الخطير أن تبارك من شعب يراها مرجعا دينيا ، تسيس بالسبحة و تناقش في المساجد هذا لا يستثني طبعا أحزاب شيوعية نراها هي الأخرى تتبنى مبادئ إنجلز و ماركس و شعارات لينينية فهي في الحقيقة بعيدة كلّ البعد على مناهجهم الأساسية فمثلا حزب العمال الشيوعي المتكئ فكريا على مؤلفة كتبها محمد الكيلاني "الماوية معادية للشيوعية" و الذي تزعم الحزب في نشأته الأولى و كانت الفكرة بالأساس أنّ "ماو تسي تونغ" دنّس الشيوعية و غير مسارها عن المبادئ الماركسيةـاللينينية الصحيحة معتمدا بذلك على بيانات و دراسات ل "أنور خوجا" الزعيم الألباني فحين أنّ الواقع يدحض تفاهتهم لأمر بسيط بإعتبار أنّ خوجا هو من حرّف الشيوعية و سلخ مبادئها و مسّ من قداسة شعاراتها لصالح الرأسماليين متهما تسي تونغ بالرجعية الرأسمالية الذي حاربها و أكدّ على خطورتها و هذا ما جاء بإعترافات إمبريالية حقيقة رغم المنافسة التشاوشية في حركته التي تساند خوجا في تأويلاته لذى يعتبر حزب العمال الشيوعي خوجي تحريفي مفضوح من السائرين نحو الرأسمالية بعيد كليا عن المبدأ الشيوعي و الذي ساهم في تحريفه كذلك "الوطد" لشكري بلعيد صحيح أنه ينقد أفكار أنور خوجا من حيث مبدئها لكن إستعان بمؤلفاته التحريفية لنقد الماوية في دراسة جاءت بعنوان "هل يمكن إعتبار ماو تسى تونغ ماركسيّاـلينينيّا؟" و المتعمق في هذه الدراسة سيلحظ سلخهم الأعمى لكتابات خوجا التحريفية رغم نقدهم لمبادئه فأعتبروا هم كذلك خوجيين تحريفيين لكن متسترين فمن وجهة نظر ماوية و حتى لينينية لأرى من هذه الأحزاب مشاعيتها هربت من مسارها الإشتراكي الثوري و السائرة نحو البرجوازية و تخلت عن مبدئها و لا أعرف السبب أو الداعي.
و نبقى في نفس الفكرة سنجد أن الحزب الديمقراطي التقدمي أكثر الأحزاب تخليا عن مبدئها و تاريخيا شهد هذا الحزب تلون فكري من الإشتراكي للإمبريالي نقيض إيديولوجي ينمّ على إظراب هذا الحزب لفرض خلفية معينة يستند عليها لبناء عقيدة فكرية للحراك السياسي الذي دفع ضريبة هذا التهمش في الإنتخابات الأخيرة وهو السائر إلى الفناء بعد أن أعلن عن إنصهار غير متكافئ لأحزاب تدعي الوسطية كما لا ننسى بقية الأحزاب الأخرى المضطربة هي الأخرى و لا نعلم توجهات لها يوجد من يدعي العلمانية و في حملاته الإتخابية يؤكد على الهوية العربية الإسلامية و العكس صحيح أمّا الحزب الذي أراه نجى بأعجوبة بل بتفوق "المؤتمر من أجل الجمهورية" يرسم مشهده الفكري حسب متطلبات الشعب الحينية لا خلفية له ينسج بمنوال تجاري "عرض و طلب" ، يشخص شعارات الشعب التي تصوغ دائما في "الشعب يريد..." يتبناه الحزب و يحولها إلى مبادئ عامة مصقولة طبعا و مجارية لمنطق سياسي معين. 
ومن هذا المنظور على الشعب التفطن و التعمق في البنيان الأساسي للأحزاب و لخلفياتهم الإيديولوجية خشية الوقوع في هاجس أو في حقيقة مرعبة لعودة الدكتاتورية الفكرية التي بتخليها عن مبدئها الفكري يمكن تتخلى على مبدئها الثوري و الوطني ، فالتمسك بمبدأ هو الإيمان بالفكرة و الصدق في تبليغه ومن تلوّن كالحرباء و دحض نفسه و تخلى عن مبدئه إعلم أنه العابد للكرسي و الحالم بالمنصب .

المستقل رمزي الدريدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق